نور الدين غولي :”ظلموني في مولودية الجزائر”

دافع عن ألوان "العميد" في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات

حاوره: كريم مهدي

أحبه أنصار المولودية كما أحبوا قبله كل من عمر يطروني وعلي ين شيخ وبعده فضيل دوب ورفيق صايفي، كان لوحده يلهم حناجر الآلاف من عشاق “الحمراء والخضراء”، فتغنوا بإسمه أينما حلو وارتحلوا”غولي غولي والمولودية نابولي”.

هكذا كان حال لسان “الشناوة” في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، فعلى مدار خمس مواسم كاملة، رسم القادم من حي بن شعبان مدينة بوفاريك لمحات كروية جميلة، أعاد بها خلال تلك المواسم الجيل الذهبي للمولودية جيل الراحل دراوي وعلي بن شيخ وبلمو وباشي وأنور باشطا، وغيرهم من نجوم اللعبة الذين لن ينساهم الجمهور الرياضي الجزائري.

لكن في عز عطائه، عين حسود أصابت الرّجل اليسرى الذهبية التي كان يوقف بها جمهور مدرجات ملعب 5 جويلية، فشلت حركاته، فتحول في نظر مسيري العميد آنذاك من لاعب يحمل فوق الأكتاف إلى لاعب مرفوض، فحمل حقيبته قبل أن يقولون له أنت مفصول عن الفريق، حمل حقيبته ورحل بعيدا إلى مكارم ثليجان مع رشيد بوعراطة والرئيس الحاج غلاب، فبات معبود عشاق هذا الفريق الصغير الكبير بإمكانياته المادية، لكن وبعد أن كان على وشك الانضمام إلى “الموك”، عاد من حيث انطلق إلى فريق شباب بن شعبان، وتلكم هي واحدة من ألف حكاية وحكاية رواها لنا نور الدين غولي اخترنا لكم البعض منها في هذا الحوار.

وقبل نتعرف عن لغز هذه العودة وأمور أخرى، فأجنا غولي بسؤال لم يكن يخطر بباله، ومنه كانت بداية الحكاية.

أين هو غولي؟

مدربا لناشئي أكاديمية مدرسة فريق بن شعبان ببوفاريك ولاية البليدة.

ماذا يذكرك فريق ناولي؟

يذكرني بأيام مارا دونا وكاريكا، وبجمهوره الذهبي، حيث كان أقوى جمهور على الصعيد الأوروبي في النصف الثاني من عشرية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.

هذا فقط مايذكرك؟

لا… يذكرني بأنصار المولودية، حين كانوا يتغنون بي.

 

ماذا كانوا يقولون؟

غولي غولي والمولودية نابولي.

 

وماذا كذلك؟

غولي غولي والمولودية شامبيوني

 

لكن فريق المولودية لم ينل أي لقب وطني خلال المواسم الأربعة التي دافعت فيها عن ألوانه؟

حرمنا من انتزاع اللقب أكثر من مرة، تارة بسبب الانحياز الفاضح للحكام لبعض النوادي، وتارة بسبب تواطؤ بعض النوادي على المولودية، واخص بالذكر موسم 88/89، حيث تنازل آنذاك في أخر جولة اتحاد عنابة بميدانه بنقاط الفوز لشبيبة القبائل، مما جعل اللقب يطير من أيدينا إلى مصلحة الشبيبة، وتكرر هذا المشهد قي أكثر من مرة في نهاية كل موسم.

كيف بدأت مسيرتك الكروية وكيف انتهت؟

بدايتي الكروية فكانت مع جيل بوفاريك المعروف حاليا باسم  JSMB وذلك في مطلع  الثمانينيات وعمري لم يكن يتعدى عن التاسعة، وأول من دربني كان المدر شريف بن مغار، وبقيت في هذا الفريق إلى غاية صنف الأواسط، حيث استقدمني المدرب  الراحل عمي سعيد رحمه الله  إلى أواسط وداد بوفاريك، لكن سرعان ما تمت ترقيتي إلى صنف الأكابر وعمري لم يكن يتعدى عن السابعة عشر بواسطة المدربين عبد الحميد زوبا و إسماعيل خباطو، وبعد موسم واحد في صنف الأكابر، انتقلت إلى اتحاد البليدة، وذلك في سنة 1988، مع المدرب بن فضة.

رغم صغر سني الذي لك يكن يتجاوز التاسعة عشر إلا أنني استطعت فرض مكانتي ضمن التشكيلة الأساسية لفريق البليدة، فكنت الهداف الأول للفريق، مما جعلني محل أطماع العديد من الفرق، لأنتقل في الموسم الموالي إلى فريق مولودية العاصمة، بعد أن كنت على وشك الانضمام إلى فريق اتحاد العاصمة، حيث أتذكر جيدا أنني باشرت تدريباتي الرسمية مع عناصر الاتحاد، وسلمت للإدارة جوز سفري للانتقال مع الفريق إلى فرنسا لإجراء تربض إعدادي هناك تحسبا لانطلاق البطولة، وإذا بي أجد نفسي في اليوم الموالي في مولودية العاصمة.

 

لماذا اخترت اللعب لفريق المولودية بدل من فريق الجار الاتحاد؟

والدي رحمه الله، هو الذي كان وراء انتقالي لفريق المولودية، ولم اندم ولو لحظة لهذا الاختيار، بل افتخر بهذا الاختيار، كونه فريق “القلب” بالنسبة  لوالدي رحمه الله.

كم بقيت في فريق المولودية؟

بقيت في هذا الفريق مدة خمس سنوات كاملة، من عام 1988 إلى غاية عام 1993، حيث انتقلت بعدها إلى مكارم ثليجان مع المدرب رشيد بوعراطة، لعبت لهذا الفريق موسمين، لأعود بطلب من والدي إلى العاصمة، ورغم العروض العديدة التي توصلت بها، إلا أن والدي أصر أن أبقى بجانبه، وهو مادفعني للإمضاء في فريق مسقط راسي شباب بن شعبان.

كيف تقيم المواسم الخمسة التي قضيتها في المولودية؟

سنوات لا تنسى ولن تزول من ذاكرتي، عشت فيها أجمل حياتي الكروية، فحتى وان لم أنل أي لقب، إلا أنني نلت محبة أنصار المولودية، ويكفيني شرفا ان الكثير من أنصار الفريق يكنون لي كل الاحترام.

 

لكن غادرت الفريق من الباب الضيق؟

هذه هي سنة اللاعب، حين يكون في قمة عطائه وعز صحته يحمل على الأكتاف من طرف المسيرين وحين تتعرض إلى الإصابة ويقل عطاؤك فترمي ويسمح فيك، وهذا الذي حدث لي بالضبط.

 

جرح مؤلم جدا، أليس كذلك؟

أكيد جرح مؤلم ولن يندمل مهما طال الزمن أو قصر، فالأمر ليس سهلا أن تجد نفسك بمجرد أن تتعرض إلى إصابة على مستوى القدم، تضطر إلى إجراء عميلة جراحية عليها، وبعدها لا احد من مسيري الفريق يسال عنك ويواسي ألامك، أكثر من ذلك لمح لي رئيس الفريق آنذاك عبد القادر ظريف حين إلتقيته بعد العملية الجراحية انه سيسرحني ضمن قائمة من اللاعبين منهم مازة وتومي ومراقة وتقار وهيديبل، فقررت الرحيل من المولودية قبل أن يقول لي ظريف انك مسرح، فانتقلت إلى فريق مكارم ثليجان بطلب من الرئيس غلاب.

 

لماذا فضلت اللعب لمكارم ثليجان على اللعب لاتحاد العاصمة الذي طلب خدماتك الرئيس الحالي للاتحاد سعيد عليق، على ما أتذكر؟

تريد الصراحة، اخترت اللعب لمكارم ثليجان بدل من الاتحاد، لأسباب مادية.

 

الم تندم بعد انتقالك لمكارم ثليجان؟

لم اندم بعد أن وفر لنا الحاج غلاب كل شيء، خاصة الأمور المادية، حيث لم يكن ينقصنا في هذا الفريق أي شيء، فكل ما تطلبه يأتيك به، حيث كان أحسن من المولودية.

 

وما قصة رفضك اللعب لمولودية قسنطينة وشباب بلوزداد؟

الحاج غلاب هو الذي رفض تسريحي إلى هذين الفريق، حيث قال لمسيري الفريقين، أعطيكم جميع اللاعبين إلا غولي، وقد حاولت إقناعه أكثر من مرة بتسريحي إلى شباب بلوزداد بعد انتهاء موسمي الأول، لكن رفض غلاب فكرة الحديث عن موضوع التسريح قائلا لي أنسى يناور الدين هذا الموضوع إلى الأبد.

 

ماصحة ماقيل لي من جهات رسمية عن سحب إسمك من قائمة المنتخب الوطني المشارك في نهائيات كاس أمم إفريقيا التي لعبت بالجزائر عام 1990؟

صحيح ماقيل لك، فبعد أن تصدر اسمي قائمة اللاعبين الذين أضافهم المدرب عبد الحميد كرمالي رحمه الله، كونه كان يعرف إمكانياتي وطريقة لعبي، باعتباره كان يشرف على تدريبي في المولودية، كما أنني كنت أحسن مهاجم في البطولة، حيث كنت ثاني أحسن هداف، وإذا به يفاجأ الجميع ويفاجآني، ويتم استبدالي باللاعب محمد رحيم من فريق اتحاد الحراش، رغم أن سنه لم يكن يتجاوز السابعة عشر، وبعدها بأيام عرفت لماذا عوض اسمي باسم رحيم محمد.

 

وماذا عرفت؟

لا داعي لذكرها أفضل الاحتفاظ بها لنفسي، فلا أريد أن افتح جرحا جديدا في مسيرتي الكروية.

 

جرح كبير إذا؟

بالطبع جرح كبير، خاصة بعد حرمت عنوة من المشاركة في دورة تاريخية نظمتها الجزائر، وعاد لقبها إلى المنتخب الوطني، فكيف تريدني أن لا اتاثر ، والذين شطبوا اسمي لا علاقة لهم بكرة القدم، المرحوم عبد الحميد كرمالي لم يكن أمامه أي خيار آخر إلا استبدال اسمي باسم اللاعب محمد رحيم.

 

قبل انتقالك إلى فريق مكارم ثليجان، كنت قد توصلت بعرض من احد النوادي التونسية، لكن فضلت اللعب لثليجان لماذا؟

الفريق الذي طلب خدماتي هو اولمبي الكاف، وكنت متحمسا للعب لهذا الفريق وخوض تجربة احترافية جديدة في تونس، لكن وبما أنني كنت قد أمضيت في مكارم ثليجان استحال علي فسخ العقد.

 

ولماذا لم تعد من جديد للعب لفريق اتحاد البليدة أو إلى وداد بوفاريك بعد عودتك من مكارم ثليجان عام 1997؟

لم أكن متحمسا لأي فريق نخبوي، بسبب حالتي الاجتماعية، حيث كنت مضطر كما سبق الذكر العيش بجانب والدي.

 

نعود إلى فريق المولودية، هل توجه لك دعوات لحضور مثلا مباريات مهمة، أو دورات كروية؟

يضحك… في فريق المولودية يتجاهلون أبناء الفريق، وأنا واحد من عشرات الأسماء ان لم نقل المئات الذين دافعوا عن ألوان المولودية يعيشون التهميش، فتصور، منذ ان غادرت المولودية سنة 1993، لا احد من المسيرين الذين تعاقبوا على إدارة النادي، وجه لي دعوة حضور لقاء ما، أما ان يتم تكريمي فهذا من المستحيلات السبع.

 

ما رأيك في ما يحدث اليوم في فريق المولودية؟

عيب وعار ما يحدث اليوم في فريق المولودية، أصبح أضحوكة لدى الجميع، بسبب التسيير وطريقة التعامل مع اللاعبين خاصة الأجانب، وما حدث مع الكاميروني روني، وبعده مع السوداني الغربال، يدخل في سياق الواقع المر في الفريق.

لعبت لفريقي اتحاد البليدة ووداد بوفاريك، لكن لم نشاهدك في هذين الفريقين حتى كمدرب للفئات الشبانية، ما تفسيرك لذلك؟

التفسير الوحيد، ان جل المسيرين في أي فريق كانوا يتناسون بل يتجاهلون أبناء الفريق، الذين تركوا دمائهم من اجل ألوان النادي، فانا مستعد للعمل في الفئات الشبانية في هذين الفريقين، وحتى في فريق المولودية، خاصة وأنني املك كل مواصفات المدرب الناجح، لاعب سابق في فرق عديدة، وحاصل على شهادة تدريب، واملك خبرة مدرب أكابر لسنوات طويلة في فرق عديدة بمنطقة ولاية البليدة.

كلمة أخيرة:

أتمنى لجريدة  “أصداء الملاعب” كل النجاح والتوفيق، وشكرا لكم على هذه الالتفاتة في زمن النسيان الذي أعاني منه، داعيا من العلي القدير أن استعيد حقوق المهضومة فهناك من ظلمني، فحسبي الله ونعم الوكيل.